افتتحت، مساء الأربعاء بطنجة، رسميا فعاليات الدورة السادسة عشرة لمنتدى “ميدايز”، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
ويهدف المنتدى، الذي ينظمه معهد أماديوس تحت شعار “سيادات وقدرات الصمود : نحو توازن عالمي جديد” بمشاركة 250 متحدثا رفيع المستوى، إلى تعميق النقاش القاري والعالمي حول تعزيز السيادات الوطنية و الإقليمية (مؤسساتية وسياسية وترابية وأمنية واقتصادية وغذائية وطاقية وصحية) وبناء صمود مشترك، للاستجابة للأزمات العالمية المتعددة.
في كلمة بالمناسبة، أشار السيد إبراهيم الفاسي الفهري، رئيس معهد أماديوس، أن مدينة طنجة، بوابة الجنوب والجسر بين العالمين، تجمعنا في محاولة لفهم تحديات اليوم، بل أيضا في محاولة لحلها معا بالقوة والجرأة اللتين تحركاننا، مضيفا أن موضوع هذه الدورة “سيادات وقدرات الصمود : نحو توازن عالمي جديد” هو عهد وعمل يحركه الإيمان بقدرة الأمم على رسم سبلها الخاصة لرفع التحديات بكرامة، وكذلك لبناء الجسور بين الشعوب لتحويل الرهانات إلى أمل جماعي.
وأضاف أن السيادة والمرونة كلمات تبدو سهلة الإدراك، لكنها تنطوي على إرادة الشعوب لبناء مصيرها بيدها، وقدرتها على الإصلاح الذاتي والتقدم، مشيرا إلى أن السيادة “ليست مسألة حدود ولكنها قدرة كل أمة على اتخاذ قراراتها بنفسها واختيار تحالفاتها وبناء مستقبلها دون الاعتماد على إرادة الدول الأخرى”.
وتابع السيد الفاسي الفهري أن السيادة “هي روح كل أمة تطالب باحترام خصوصيتها ومسارها، بعيدا عن الرؤى والمبادئ المفروضة”، مشيرا إلى أن القدرة على الصمود هي شجاعة الوقوف للتعلم وإعادة اكتشاف الذات والعثور ضمن المحن على أرض خصبة للنهوض من جديد، باختصار، يتعلق الأمر بتغيير الازمات لاستنباط الفرص”.
من جهته، أشار رئيس جمهورية القمر الاتحادية، عثمان غزالي، إلى أن موضوع هذه الدورة من المنتدى يشكل فرصة لبحث التحديات التي يواجهها العالم قاطبة، والقارة الإفريقية بوجه خاص، لاسيما تلك المتعلقة بالجيوسياسية الحالية المتسمة بالتوترات المتزايدة واضطراب النظام الدولي، مبرزا ضرورة البحث عن حلول عاجلة لتمكين البلدان من مواجهة الصدمات والأزمات وحفظ السلام والأمن والاستقرار بالعالم.
وقال إن “الصمود الذي نحتاجه اليوم هو الذي يمكن بلداننا من التكيف وتجاوز التحديات والحفاظ على سيادتها التي كثيرا ما تصبح على المحك بسبب الاضطرابات التي تهز إفريقيا التي تواجه رهانات داخلية وخارجية”.
ونوه السيد عثمان غزالي بأن المنتدى مناسبة لبدء التفكير في استراتيجيات مشتركة بين بلداننا لمواجهة هذا المشهد الجيوسياسي المتغير، معتبرا “من واجبنا رسم معالم المستقبل حيث يتعين حفظ سيادة الدول، وحيث التحديات العالمية تعالج بطريقة تعاونية وبناءة وإيجابية”.
من جهتها، جددت الوزيرة الأولى لجمهورية الكونغو الديمقراطية، جوديث سومينوا تولوكا، التأكيد على أن العلاقات بين بلدها والمملكة المغربية، التي تقوم على الروابط الأخوية وقيم التعاون المشتركة والاحترام المتبادل والتضامن، ما فتئت تتعزز، فاسحة المجال أمام آفاق جديدة للتعاون في عدد من المجالات، من أجل بناء مستقبل أفضل للشعبين، مبرزة أن منتدى “ميدايز” صار، على مر السنوات، ملتقى محوريا للتفكير في القضايا العالمية الكبرى التي نواجهها، والتي تتطلب ردودا جريئة ومبتكرة.
وبعد أن أشارت إلى أن السيادة مرتبطة بشكل وثيق بالقدرة على تلبية الحاجات الملحة للبلدان، استعرضت السيدة سومينوا تولوكا الركائز الأساسية الثلاثة للسيادة، ويتعلق الأمر بالسيادة الغذائية والتنويع الطاقي والابتكار التكنولوجي، مضيفة أن “الطريق نحو توازن عالمي جديد يرتكز بالأساس على قدرتنا على العمل معا وتوحيد قوانا وتقاسم المعارف والابتكار من اجل بناء مستقبل حيث السيادة والمرونة ليسا فقط مجرد قيم مثالية، بل حقائق ملموسة بالنسبة لكل المواطنين.
بدوره، شدد الوزير الأول الغيني أمادو أوري باه على العلاقات العريقة بين جمهورية غينيا والمملكة المغربية، مشيدا برؤية والتزام صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالتعاون جنوب – جنوب.
كما أكد السيد أوري باه على أهمية موضوع هذه الدورة من المنتدى، التي تأتي في سياق حيث السلام أضحى مسعى للشعوب عبر العالم، متوقفا عند ضرورة إعادة التفكير في الدينامية الراهنة للأخذ بعين الاعتبار الوقائع الجديدة وتطوير شراكات استراتيجية من أجل إرساء توازن جديد بين القوى الإقليمية.
بهذا الخصوص، اعتبر ان السيادة الاقتصادية تتطلب تصنيعا شاملا من أجل صمود مستدام، مشيدا في هذا السياق بتجربة المغرب في مجال استغلال الفوسفاط مع عمله المتواصل على إحداث اقتصاد متنوع، وهو ما يشكل نموذجا يحتذى بالنسبة للبلدان الإفريقية.
أما الوزير الأول للجمهورية الديمقراطية لساو طومي وبرانسيبي، باتريس بروفادا، فقد أقر بجودة المتدخلين وأهمية المواضيع المثارة وكثافة المناقشة ضمن المنتدى، وهو ما سيمكن من استكشاف التحولات الجيوسياسية الحاصلة والتي تحتل فيها القارة الإفريقية مكانة خاصة، بفضل معدلاتها للنمو الاقتصادي والديموغرافي ومواردها الطبيعية ووزنها المتعاظم في الحكامة العالمية، مشيرا إلى أنه في مواجهة التحديات الراهنة، تعتبر القارة الإفريقية فاعلا مرنا يكتنز العديد من المؤهلات من شأنها بلورة مستقبل يكون فيه دورها أساسيا وليس معترفا به فقط.
وقال إنها “حقبة حيث القارة يجب أن تتحلى بالشجاعة وتغتنم الفرصة من أجل تحديد مكانتها في النظام العالمي”، مبرزا ضرورة عمل البلدان الإفريقية على تنويع شراكاتها التجارية وتقوية عملاتها المحلية واكتشاف آليات تمويل مبتكرة وطرق جديدة للمبادلات وتقوية التعاون الإقليمي وتمتين الأسواق الداخلية وعائداتها المالية بهدف حماية اقتصادات البلدان الإفريقية من الصدمات الخارجية وإحداث إطار متين لتشجيع المرونة الاقتصادية الإفريقية.
وحسب بلاغ لمؤسسة منتدى ميدايز ومعهد أماديوس تشهد هذه الدورة من منتدى ميدايز مشاركة أكثر من 250 متحدثا رفيع المستوى من بينهم رؤساء دول وحكومات وصناع القرار السياسي، وحائزون على جوائز نوبل، ورؤساء شركات دولية كبرى وشخصيات مؤثرة، أمام جمهور يفوق 6000 مشارك من أكثر من مائة دولة.
التعليقات مغلقة.