كشفت تقارير إعلامية إسبانية عن إستبعاد ميناء الجزيرة الخضراء من أحد المسارات البحرية الإستراتيجية التي تربط أمريكا الشمالية بآسيا، في خطوة إعتبرها مراقبون ذات أبعاد دبلوماسية وإقتصادية بالغة الحساسية.
وأفادت صحيفة “آس” الإسبانية أن القرار يأتي في إطار تعديل جديد لإتفاقية الشحن البحري، دخل حيز التنفيذ في يونيو 2025، والذي بموجبه أصبح ميناء طنجة المتوسط المغربي المنفذ البحري الرئيسي للمنطقة، محل ميناء الجزيرة الخضراء.
وتعود أسباب هذا التغيير – بحسب شركتي الشحن الأمريكيتين “American President Lines” و”Maersk Line Limited” – إلى إعتبارات تشغيلية ومالية، من بينها تقليص زمن العبور وتفادي التكاليف الإضافية الناتجة عن لوائح الإتحاد الأوروبي.
غير أن التوقيت يثير الكثير من التساؤلات، خاصة أنه يتزامن مع توترات دبلوماسية متصاعدة بين مدريد وواشنطن. وتحقق اللجنة البحرية الفيدرالية الأمريكية (FMC) في واقعة رفض السلطات الإسبانية، في نوفمبر 2024، السماح لسفينتين أمريكيتين بالرسو في ميناء الجزيرة الخضراء بسبب وجهتهما إلى إسرائيل، وهو ما بررته الحكومة الإسبانية بمنع نقل أي شحنات يحتمل إستخدامها في “جرائم ضد الإنسانية”.
ووصفت الصحيفة الإسبانية إستبعاد ميناء الجزيرة الخضراء بأنه “تحول إستراتيجي حساس”، مشيرة إلى أن الإتفاقية تدخل ضمن برنامج الأمن البحري الأمريكي (MSP)، الذي يضمن للجيش الأمريكي إمكانية إستخدام الأسطول التجاري في أوقات الأزمات والطوارئ.
وفي المقابل، يعزز هذا القرار من أهمية ميناء طنجة المتوسط، الذي بات يمثل محورا لوجستيا متقدما للولايات المتحدة في علاقاتها التجارية والعسكرية مع كل من أفريقيا وآسيا.
وتضيف الصحيفة أن الخلاف البحري الأخير يفاقم من حدة التوتر القائم أصلا بين الطرفين، والذي يشمل قضايا أخرى مثل رفض إسبانيا شراء مقاتلات F-35 الأمريكية، وقلق واشنطن من صفقة بين الحكومة الإسبانية وشركة “هواوي” لتخزين بيانات حساسة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في اللجنة البحرية الفيدرالية تحذيرات من احتمال فرض عقوبات قاسية على إسبانيا، قد تصل إلى غرامات بـ 2 مليون يورو عن كل رحلة بحرية لسفن أمريكية يتم منعها، بالإضافة إلى قيود على الشحنات ورفض محتمل لإستقبال سفن إسبانية في الموانئ الأمريكية.
ورغم أن حجم التبادل البحري بين البلدين لا يتجاوز 4% من إجمالي حركة الموانئ الإسبانية، إلا أنه يتركز في بضائع ذات قيمة مضافة عالية، ما يجعل من هذا التغيير قرارا ذا ثقل إقتصادي وإستراتيجي لمدريد.


التعليقات مغلقة.