في تطور تاريخي مثير للقلق، سجلت فرنسا لأول مرة منذ عام 1945 عجزا ديموغرافيا، حيث تجاوز عدد الوفيات عدد المواليد خلال فترة عام كامل.
وفقا للأرقام الرسمية التي أصدرها المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الإقتصادية (INSEE) ونشرتها إذاعة “راديو فرنسا” في 23 يوليو، بلغ عدد الوفيات 651 ألف حالة مقابل 650 ألف ولادة، وذلك بين 1 يونيو 2024 و31 مايو 2025، مسجلا بذلك عجزا سكانيا يصل إلى حوالي ألف شخص.
وأشار الخبير الديموغرافي جوليان دامون، المدير السابق للدراسات في الصندوق الوطني للإعانات العائلية، إلى أن هذا التحول يحدث قبل الموعد المتوقع بنحو عقد من الزمن، حيث كان متوقعا حدوثه عام 2035، مؤكداً أن تراجع معدلات الخصوبة يعد السبب الرئيسي وراء هذا الإنخفاض المفاجئ.
هذا الإنخفاض في عدد المواليد لم يعد محصورا في مناطق محددة بل أصبح يشمل كافة المناطق الفرنسية، بما في ذلك الأقاليم ما وراء البحار.
تظهر بيانات المعهد أن النساء الفرنسيات يؤجلن إنجاب الطفل الأول حتى متوسط سن 29 عاما، مقارنة بمتوسط سن أقل بكثير في السبعينيات. هذه الظاهرة مستمرة منذ عقود وتسجل في معظم دول الإتحاد الأوروبي.
وأوضحت وزيرة العمل والصحة، كاثرين فوتران، في مقابلة مع مجلة “المرأة الحالية” أن إنخفاض الولادات تزايد خاصة منذ 2022، حيث تفقد فرنسا حوالي 30 ألف ولادة سنويا، مضيفة أن المسألة لم تعد “هل سيحدث العجز؟” بل “متى سيحدث؟”.
في الوقت نفسه، إرتفعت معدلات وفيات الرضع، إذ يتوقع وفاة نحو 2700 طفل دون عمر السنة في 2024، مع إرتفاع تدريجي لمعدل الوفيات من 3.5 إلى 4.1 لكل ألف ولادة حية منذ 2011. وتشير الدراسات إلى أن الذكور أكثر عرضة للوفاة مقارنة بالإناث، بسبب التعرض الأعلى لمضاعفات الولادة والمشاكل الوراثية.
يرتفع خطر وفاة الأطفال المولودين في حالات حمل متعددة، مثل التوائم، بنسبة خمس مرات، كما تزيد عوامل مثل فقر الأمهات، العمر غير المناسب للإنجاب، ونوعية العمل من معدلات الوفيات. ويعد الوضع أكثر خطورة في الأقاليم الفرنسية ما وراء البحار، حيث تؤثر الظروف الصحية والإقتصادية على صحة الأم والطفل.
ويرجع المعهد الوطني للإحصاء جزءا من زيادة وفيات الرضع إلى التطورات الطبية التي تسمح ببقاء الأطفال المولودين في حالات حرجة على قيد الحياة لفترات قصيرة، ما أثر على الإحصائيات.
منذ عام 2015، أصبح معدل وفيات الرضع في فرنسا أعلى من متوسط الإتحاد الأوروبي، حيث بلغ الأخير 3.3 لكل ألف ولادة حية عام 2023، مقارنة بـ4 لكل ألف في فرنسا.


التعليقات مغلقة.