في خطوة تهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية والتنمية المستدامة، قدم الباحث الصحراوي بوبكر الديش وثيقة مرجعية بعنوان “مقترح إطار لتنظيم الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية”. الوثيقة، التي صدرت في طبعتها الأولى عام 2025 عن دار الإحياء للنشر والتوزيع في طنجة، تقترح إطارًا قانونيًا وسياسيًا يعتمد على مبادرة المغرب للحكم الذاتي المقدمة إلى الأمم المتحدة عام 2007، مع التوافق مع قرارات مجلس الأمن مثل 1754 (2007) و2654 (2022). الهدف: حل سياسي عادل ودائم لقضية الصحراء، يركز على تمكين السكان المحليين من إدارة شؤونهم، مع الحفاظ على السيادة المغربية.
المبادئ الأساسية: جسر بين السيادة والمشاركة المحلية
يستند المقترح إلى خمسة مبادئ رئيسية تعكس رؤية المغرب لمستقبل الأقاليم الجنوبية (جهتي العيون-الساقية الحمراء والداخلة-وادي الذهب). أولها السيادة الوطنية والوحدة الترابية، حيث تظل الاختصاصات السيادية مثل الدفاع والعلاقات الخارجية في يد الدولة المركزية. ثانيًا، الديمقراطية والتمثيل عبر انتخابات حرة وتفعيل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، الذي يضم ممثلين عن الشيوخ، الشباب، والنساء، مع استطلاعات رأي دورية.
ثالثًا، العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، مع تخصيص 70% من عائدات الموارد الطبيعية (مثل الفوسفاط والمصايد البحرية) لمشاريع محلية في التعليم والصحة. رابعًا، حماية الهوية الثقافية الصحراوية من خلال تعزيز اللهجة الحسانية وإنشاء المعهد الملكي للثقافة الحسانية. أخيرًا، الالتزام الدولي والشفافية، مع مراقبة من دول مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، ونشر تقارير سنوية عبر بوابات إلكترونية.
الإطار القانوني: تعديلات دستورية وقانون أساسي
يقترح الديش تعديلات على دستور 2011 لتكريس الحكم الذاتي. على سبيل المثال، تعديل الفصل 5 لتعزيز اللهجة الحسانية كجزء من التنوع الثقافي، والفصل 14 للسماح بعرائض محلية، والفصل 47 لتعيين رئيس حكومة إقليمية من الأكثرية الانتخابية. كما يدعو إلى إصدار قانون أساسي يعتمد بأغلبية الثلثين في البرلمان، يحدد صلاحيات الإقليم في التعليم والصحة، مع آليات للمصالحة وتسهيل عودة اللاجئين من تندوف.
الهيكل المؤسساتي: برلمان إقليمي وحكومة محلية
يرسم المقترح هيكلًا مؤسساتيًا يشمل برلمانًا إقليميًا (مجلس الجهة) منتخبًا كل 5 سنوات وفق القانون 111.14، مع تخصيص 33% من المقاعد للنساء و25% للشباب. الحكومة الإقليمية، برئاسة معين من الملك، تشمل وزراء جهويين للقطاعات المحلية. أما السلطة القضائية فتشمل محاكم محلية متخصصة في النزاعات المحلية، مع إعادة تفعيل المجلس الملكي الاستشاري لدعم المصالحة والتعاون الإقليمي.
الصلاحيات والتمويل: تمكين محلي مع سيادة وطنية
تمنح الصلاحيات الإقليمية إدارة التعليم، الصحة، الاقتصاد، والثقافة، بينما تحتفظ الدولة بالدفاع والسياسة النقدية. يعتمد التمويل على ميزانية إقليمية مدعومة بعائدات الموارد، مع إنشاء صندوق التنمية الصحراوي. تضمن الشفافية مراقبة من المجلس الأعلى للحسابات وتقارير سنوية.
الضمانات: مصالحة وتنمية مستدامة
يركز المقترح على المصالحة الاجتماعية عبر لجنة وطنية تقدم دعمًا للعائدين، وإدماج المعارضين في الانتخابات. كما يحمي الهوية الثقافية ويرسم خطط تنمية طويلة الأمد (2025-2045) تشمل الطاقة المتجددة، الزراعة المستدامة، والسياحة البيئية، مع إنشاء مركز بحوث صحراوي.
في خاتمة الوثيقة، يؤكد الديش أن هذا الإطار ليس مجرد وثيقة، بل دعوة لنقاش عمومي يفتح صفحة جديدة من التعاون تحت مظلة السيادة المغربية. “إنه بذرة أمل لأجيال قادمة”، كما يقول، مشددًا على أهمية لم الشمل لتحقيق السلام والرفاه.
هذا المقترح يأتي في سياق جهود المغرب لتعزيز الجهوية المتقدمة، وقد يثير نقاشات دولية حول مستقبل لمنطقة. للمزيد، يمكن الرجوع إلى الوثيقة الكاملة عبر دار الإحياء للنشر والتوزيع.


التعليقات مغلقة.