تواصل مدينة مكناس المغربية إستقطاب الزائرين من داخل المملكة وخارجها، بفضل إرثها الحضاري الغني وتنوع معالمها الثقافية والمعمارية، ما يجعلها ملاذا مثاليا للباحثين عن تجربة هادئة ومختلفة عن صخب المدن الكبرى. فالمدينة، التي تعد واحدة من العواصم الإمبراطورية الأربع في تاريخ المغرب، تتميز بطابعها التاريخي الأصيل وجمالها العمراني اللافت.
ورغم أنها أصغر حجما وأقل إزدحاما مقارنة بجارتها فاس، إلا أن مكناس تزخر بكنوز تراثية ومعمارية قل نظيرها، أبرزها شبكة تحصينات قديمة تمتد على أكثر من 40 كيلومترا من الأسوار، في دلالة واضحة على أهميتها الإستراتيجية في فترات سابقة من تاريخ المملكة.
وتعود المكانة البارزة لمكناس إلى عهد السلطان مولاي إسماعيل، الذي جعل منها عاصمة ملكية وباشر تشييد مجمع قصر ضخم لم يكتمل بناؤه، إلا أن معالمه ما زالت شاهدة على طموحات تلك الحقبة. وتعد “باب المنصور” من أبرز هذه المعالم، وهي بوابة عملاقة تشهد على براعة التصميم والزخرفة المغربية التقليدية، وتُجاورها ساحة الهديم، القلب النابض للمدينة القديمة.
كما تضم المدينة ضريح السلطان مولاي إسماعيل، الذي يجمع بين الأجواء الروحانية وروعة الزخارف المعمارية، بالإضافة إلى متحف الفن المغربي الذي يعد محطة رئيسية لفهم تطور الفنون والحرف التقليدية على مر العصور.
ومن المعالم التي تستحق الزيارة أيضاً مدرسة بو عنانية، التي تعكس فن العمارة الإسلامية في أدق تفاصيله، وتوفر إطلالة بانورامية مذهلة على المدينة القديمة من سطحها، فضلاً عن عدد من الزوايا والأحياء العتيقة التي تحمل بين جدرانها قصصا وتفاصيل تاريخية ثرية.
ولا تقتصر جاذبية مكناس على معالمها الداخلية، بل تمتد لتشمل محيطها القريب، حيث تعد المدينة نقطة انطلاق مثالية لاكتشاف مواقع تاريخية وسياحية بارزة، مثل الموقع الأثري لوليلي، ومدينة فاس، بالإضافة إلى مدن أزرو ومولاي إدريس.
وتكتمل تجربة زيارة مكناس بالإستمتاع بمطبخها المحلي المتنوع، الذي يعكس تمازجا بين التأثيرات البربرية والأندلسية والفاسية. ويعد الكسكس والطاجين بالكستناء من أبرز أطباقها التقليدية، إلى جانب شاي النعناع الذي يمنح الزائر لمسة مغربية أصيلة لا تنسى.


التعليقات مغلقة.