ودعت الساحة الثقافية والفنية في تونس، اليوم، الفنان والمخرج والكاتب المسرحي والسينمائي الفاضل الجزيري، الذي توفي عن عمر ناهز 77 عاما بعد صراع طويل مع المرض، مخلفا وراءه إرثا إبداعيا سيظل راسخا في الذاكرة الثقافية الوطنية.
وفي بيان نعي نشرته على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك، عبرت وزارة الشؤون الثقافية عن حزنها العميق، مشيرة إلى أن الفقيد “شكل علامة فارقة في تاريخ المسرح والسينما في تونس، بعد مسيرة تجاوزت خمسة عقود من الإبداع والتجديد”.
ويعد الفاضل الجزيري من أبرز رموز الإبداع الفني في تونس، حيث تميز بمسيرة متعددة الأوجه جمعت بين التمثيل، والإخراج، والكتابة المسرحية والسينمائية، ما جعله من القامات الإستثنائية في المشهد الثقافي الوطني والعربي.
ولد الجزيري عام 1948، وبدأ مسيرته الفنية في أواخر ستينيات القرن الماضي من خلال نادي الشبيبة المدرسية في المعهد الصادقي. واصل دراسته بين لندن وباريس، قبل أن يعود إلى تونس ليسهم في تأسيس عدد من المبادرات الثقافية الرائدة، من أبرزها مهرجان المدينة سنة 1971، وفرقة مسرح الجنوب بمحافظة قفصة عام 1972، ما شكل خطوة مهمة نحو تعزيز اللامركزية الثقافية.
وفي عام 1976، أسس الجزيري فرقة “المسرح الجديد”، والتي أصبحت منصة للعديد من الأعمال المسرحية المؤثرة، بمشاركة رفيق دربه الفاضل الجعايبي، حيث قدما معا أعمالا مثل: “العرس” و”غسالة النوادر” و”عرب” و”الكريطة”.
ولم يقتصر إبداعه على الخشبة، بل إمتد إلى السينما، حيث شارك كممثل في أعمال مهمة مثل “ترافيرسي (عبور)” للمخرج محمود بن محمود، و*”سجنان”* لعبداللطيف بن عمار.
وفي عام 2022، حقق حلمه بإنشاء مركز الفنون في جزيرة جربة، وهو مشروع يجسد رؤيته في دعم الفنون الجهوية وترسيخ اللامركزية الثقافية، ليضيف بذلك منارة جديدة للإبداع في البلاد.
برحيله، تفقد تونس أحد أبرز فنانيها الذين ساهموا في بناء مشهد ثقافي متنوع ومتجدد، وسيبقى اسمه خالدا كأحد أعمدة المسرح والسينما في الوطن العربي.


التعليقات مغلقة.