كشفت دراسة جديدة أجرتها شركة «سلاك» التابعة لـ«سيلزفورس» أن جيل «الألفية» (الموظفون الذين تتراوح أعمارهم بين 28 و43 عاما) يتصدر المشهد في إستخدام أدوات الذكاء الإصطناعي داخل بيئات العمل اليومية. وتشير النتائج إلى أن نحو واحد من كل ثلاثة موظفين من هذا الجيل يعتمدون على هذه التقنية بشكل يومي، فيما يستخدم حوالي ربعهم أدوات الذكاء الإصطناعي عدة مرات أسبوعيا.
هذه الأرقام تعكس أكثر من مجرد إهتمام عابر، إذ تؤكد أن جيل الألفية أصبح القوة الدافعة وراء تحول ثقافي عميق في طريقة توظيف التكنولوجيا داخل الشركات، لا سيما في مجالات زيادة الإنتاجية، وأتمتة المهام، وتوسيع نطاق المسؤوليات الوظيفية.
رغم أن جيل الألفية يتصدر المشهد، إلا أن أبناء جيل «زد» لا يتخلفون كثيرا، إذ يظهرون معدلات تبني أسرع للذكاء الإصطناعي مقارنة بأجيال أكبر مثل «جيل إكس» أو «الطفرة السكانية». ولكن الفارق الأساسي يكمن في طبيعة الإستخدام؛ حيث يميل جيل «زد» إلى إستخدام هذه الأدوات لأغراض تعليمية وشخصية، بينما يستفيد جيل الألفية من الذكاء الإصطناعي بشكل مباشر في أداء مهام العمل.
لوكاس بونتي، نائب الرئيس لقطاع الأبحاث في «سلاك»، أوضح أن الجيل الأصغر ما زال في مرحلة التجريب الشخصي والتعلم، فيما نجح الألفيون في تحويل التكنولوجيا إلى أدوات إنتاجية ملموسة، مما يجعلهم جسرا حيويا بين التقنية وأهداف الشركات.
الدراسة أظهرت أيضا أن جيل الألفية قد يصبح المصدر الرئيسي للتدريب الداخلي على الذكاء الإصطناعي في المستقبل، حيث يمكنهم نقل خبراتهم ومعرفتهم للموظفين الجدد من جيل «زد»، ومساعدتهم في الإستخدام الفعال والمسؤول لهذه الأدوات.
جيني سيمنز، الرئيس العالمي لقطاع التعلم المؤسسي في «سيلزفورس»، قالت إن الألفيين يمكنهم تعليم زملائهم الأصغر أهمية «حسن التقدير» في التعامل مع نتائج الذكاء الإصطناعي، خاصة معرفة متى يثقون بها ومتى يتعاملون معها بحذر، وهو ما يتطلب خبرة عملية معمقة.
واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الشركات هي وضع ضوابط واضحة لإستخدام الذكاء الإصطناعي، لا سيما فيما يتعلق بحماية البيانات الحساسة. هنا يظهر دور الموظفين الأكثر خبرة الذين يفهمون طبيعة المعلومات التي يمكن مشاركتها وأيها يجب حمايته، وبالتالي يساهمون في تعزيز الأمان والإمتثال في المؤسسات.
علاوة على الجانب التقني، يمتلك جيل الألفية خبرة في بناء علاقات العمل المعقدة، وهو جانب حيوي لنجاح الموظفين الجدد، حسب غما كوين، نائب الرئيس للتوظيف العالمي في «سيلزفورس». وتشير إلى أن بناء شبكة علاقات قوية يساعد الموظفين على فهم ثقافة الشركة وإستخدام الأدوات التكنولوجية ضمن بيئة عمل تعاونية.
عاش جيل الألفية طفرة التكنولوجيا الرقمية منذ بداياتها، مما يمنحه ثقة متزايدة بأن الذكاء الإصطناعي سيعزز فرص النمو المهني بدلاً من تقليصها. وتؤكد كوين أن الذكاء الاصطناعي لا يلغي الوظائف الدنيا، بل يطورها، مما يمكن الموظفين الجدد من إنجاز مهام أكثر وتعزيز فرصهم في التقدم الوظيفي بشكل أسرع.
تشير الدراسة إلى أن الذكاء الاصطناعي بات جزءا لا يتجزأ من بيئات العمل الحديثة، وأن نجاح المؤسسات في الإستفادة من هذه التقنية يتطلب تعاونا بين الأجيال. حيث يقود جيل الألفية عملية الدمج بخبرته العملية، فيما يضيف جيل «زد» روح الإبتكار والفضول. هذه الديناميكية المتكاملة تخلق نموذجا مثاليا للتعلم المتبادل وتبني ثقافة تقنية أكثر شمولاً واستدامة.
في النهاية، تؤكد دراسة «سلاك» أن جيل الألفية ليس مجرد فئة عمرية وسطى، بل لاعب رئيسي في تشكيل مستقبل العمل الذكي، معادلا تعريف دمج الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل بأساليب مسؤولة ومنتجة وإنسانية.


التعليقات مغلقة.